إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه logo الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك.
shape
تفسير سورة الحجرات من تفسير ابن كثير
23723 مشاهدة print word pdf
line-top
مقدمة

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، صلى الله وسلم على أشرف المرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
لما نعلم، ولما رأينا سابقا، ورأينا لاحقا من محبة إخواننا وأبنائنا للعلم وللاستفادة ورغبتهم الشديدة؛ لبينا هذا الطلب -والحمد لله- أن ليس هناك صعوبات وليس هناك مشقة. وإذا رأينا من يتقبل ومن يحرص على التعلم؛ زاد ذلك في نشاطنا وفي رغبتنا، ونعتذر بأننا لا نأتي بجديد، ولكن من باب التذكير.
فقد خُدِمَ القرآن -والحمد لله- خدمة كاملة؛ فسره الصحابة، ثم التابعون ومن بعدهم، وإلى يومنا والمفسرون يفسرونه، ويستنبطون ما فيه من الأحكام، وما فيه من الفوائد والعوائد التي لها تأثيرها، وما يدل على إعجازه وقوة أسلوبه؛ لذلك كل من أتى بالتفسير قد يتجدد له شيء في هذه الآيات ونحوها؛ وإن كان الغالب والكثير أنه الغالب أنه يتكرر ما في تلك التفاسير، وأنه يغني بعضها عن بعض، ولكن لكل أسلوبه، ولكل فهمه وإدراكه؛ فهذا هو السبب في تعدد التفاسير ويمكن أن يقال: إن التفاسير تبلغ أو تزيد على عشرة آلاف تفسير، ولكن لا شك أن كثيرا منهم فسروه بما يهوون؛ فنجد أن المعتزلة كالزمخشري وغيره أدخلوا في تفسيره معتقداتهم الاعتزالية ، ونجد أن الأشاعرة أولوا الآيات التي تخالف معتقدهم؛ تفاسيرهم كثيرة، ونجد أن الرافضة أولوه بتأويلات بعيدة؛ لتوافق معتقدهم ومذهبهم السيئ، وكل طائفة من المبتدعة؛ فإنهم أدخلوا في التفسير ما يوافق معتقداتهم؛ وإن كان ذلك تكلفا شديدا، ولكنهم يحاولون أن يصرفوا دلالات الآيات إلى ما يريدونه.
وهكذا أيضا: الكثير من العصريين يحرصون على أن يطبقوه على المخترعات الجديدة؛ فيفسرونها بحسب ما رأوه، وفي ذلك لا شك تكلف وصرف للقرآن وللآيات عما يتبادر منها، وعما سيقت له.

line-bottom